تسجيل وقت عمل الموظفين بشكل قانوني في السعودية

2023

Written by Kamel Darwish
بقلم Kamel Darwish،

ليس سرًّا أن أي شيء يتعلق بخصوصية بيانات الأفراد يعد أمرًا حساسًا. فمع انتشار الأجهزة المتصلة ببعضها، بدأ الناس يشعرون بالقلق المتزايد بشأن وجود نوع من السيطرة على هذه الخصوصية. لذا فإن تسجيل وقت عمل الموظفين بشكل قانوني في السعودية يحتاج إلى التعامل مع الكثير من الضوابط والحدود الواضحة. حيث تتورط الشركات الكبيرة بشكل متزايد في مشاكل كبيرة بسبب كيفية تعاملها مع بيانات المستخدمين، والآن يتم مقاضاتها كثيرًا من جميع الجهات بسبب مخاوفهم بشأن الخصوصية، والأمان، والموافقة، والدقة، والتمييز.

تتفاوت نتائج هذه الدعاوى القضائية، ولكن غالبًا ما تؤدي إلى تسويات أو غرامات. فقد سوت فيسبوك، المعروفة الآن باسم ميتا، دعوى قضائيةً بقيمة 650 مليون دولار بشأن ميزة وضع علامات على الوجوه. وسيحصل حوالي 1.6 مليون شخص في ولاية إلينوي الأمريكية من مستخدمي التطبيق على حوالي 350 دولارًا لكل منهم من التسوية. وقد اضطر تيك توك لدفع 92 مليون دولار لإنهاء دعوى قانونية جماعية تتعلق بتتبع بيانات مستخدميه.

وهذا لا يشكلُ مفاجأةً – أعني – لا يوجد من يرغب في أن تقوم بعض الشركات بمراقبة كل حركاته على الإنترنت.

وبالرغم من أن مثل هذه الحالات تتعلق بالتتبع غير المصرح به، فإن الشركات التي تقوم بتتبع موظفيها بشكل قانوني من خلال استخدام أدوات متنوعة تواجه أيضًا دعاوى قانونية. ولكن ما هي الأسباب التي يتم مقاضاتهم بسببها؟

تسجيل وقت عمل الموظفين بشكل قانوني في السعودية

في هذا المقال

هل يمكنك تتبع موظفيك في السعودية؟

تتضمن مراقبة الموظفين مراقبة سلوكياتهم، وتسجيل أنشطتهم ذات الصلة بالعمل، واتصالاتهم أثناء عملهم. ويمكن أن يتم ذلك من خلال أدوات مثل: برامج مراقبة الموظفين، وبرامج تسجيل الوقت والحضور، وأنظمة المراقبة بالفيديو، وتقنيات تحديد المواقع الجغرافية، والتكنولوجيات المعتمدة على القياسات الحيوية.

“إن نظام حماية البيانات الشخصية يكفل المحافظة على خصوصية أصحاب هذه البيانات من خلال وضع الإجراءات التي تنظم جمعها ومعالجتها والحد من استغلالها وإساءة استخدامها، مؤكدًا أنَّ «سدايا» ــ ممثلةً بذراعها التنظيمي مكتب إدارة البيانات الوطنية ــ ستُشرف على تطبيق أحكام هذا النظام”. الدكتور طارق الشدي، رئيس مكتب إدارة البيانات الوطنية. جريدة الشرق الأوسط

ومع ذلك، يعد المشهد القانوني المحيط بتتبع ومراقبة الموظفين أكثر تعقيدًا من مجرد إمكانية تتبع الموظفين من عدمه.

ما هي القوانين التي تُنتهك عند تسجيل الموظفين في السعودية؟

يعمل نظام حماية البيانات الشخصية في السعودية على مواكبة وسائل وأدوات تسجيل الموظفين الحديثة، ولكن سرعة التغيير تختلف حسب الاختصاص وقد تكون بطيئةً في بعض الحالات.

إلى أي مدًى يمكنك فعلًا مراقبة موظفيك في السعودية؟

سأشاركك الآن عددًا من القضايا المتعلقة بمراقبة الموظفين، والتي قد تكون مفيدةً في فهم كيفية مساعدة أنظمة حماية البيانات الشخصية في إجراءات المحكمة وكيف تخدم كل حالة:

الدعاوى المتعلقة بجمع معلومات القياسات الحيوية للموظفين.

في هذا القسم سوف تتعرف على أكثر قضايا جمع معلومات القياسات الحيوية شهرةً، وما هي الدروس المستفادة منها.

١. تم تسوية دعوى جماعية بقيمة ٢.٦ مليون دولار من قبل شركة توب غولف بسبب بصمات الأصابع.

في مارس ٢٠١٩. وتم رفع شكوى تحت مسمى الدعوى الجماعية من قِبل مجموعة من الموظفين السابقين، وقدمها توماس بورلينسكي زاعمًا أن شركة الترفيه توب غولف انتهكت قانون الخصوصية لمعلومات القياسات الحيوية في ولاية إلينوي الأمريكية. وذلك من خلال جمع وكشف بيانات قياساتهم الحيوية عن طريق نظام لتسجيل الوقت باستخدام بصمات الأصابع. وقد ذكر أن الانتهاك كان بثلاث طرق:

أ- جمع بيانات بصمات الأصابع الحيوية ومعلومات عنها دون الحصول على موافقة مكتوبة وفقًا لقانون الخصوصية لمعلومات القياسات الحيوية في ولاية إلينوي.

ب- حيازة بيانات القياسات الحيوية دون وجود سجل زمني متاح للجمهور عن سياسة تخزين ومسح وإتلاف هذه البيانات.

ج- الكشف عن بيانات القياسات الحيوية لمورد خدمة تسجيل الحضور من الطرف الثالث دون موافقة كتابية من أصحاب القياسات الحيوية.

على الرغم من أن توب غولف نفت الاتهامات، أقرت المحكمة في إلينوي بتسوية بقيمة ٢،٦٣٣،٤٠٠ دولار. وسيتم توزيع مبلغ التسوية على أكثر من ٢٦٠٠ عضو، حيث يبلغ نصيب فرد 1000 دولار.

الدروس المستفادة من هذه الحالة:

1- إن جمع معلومات القياسات الحيوية ليس هو المخالفة القانونية التي تجعل صاحب العمل مسئولًا عنها أمام المحكمة، بل الفشل في الحصول على موافقة مكتوبة من أصحاب الشأن قبل هذا الجمع والإفصاح عن الإرشادات بشكل كافٍ.

2- يجب على أصحاب الأعمال الحصول على موافقة مكتوبة من الموظفين قبل جمع بياناتهم الحيوية الفريدة.

٣. يجب على أصحاب الأعمال توفير إرشادات أو سياسات عن جمع وتخزين والاحتفاظ وتدمير أو إتلاف بيانات الموظفين الحيوية.

اقرأ أيضا ما هو نظام الحضور المدعوم بتقنيات القياسات الحيوية؟

2- وول مارت تصل إلى تسوية بقيمة 10 ملايين دولار في دعوى خصوصية معلومات القياسات الحيوية

في دعوى تم تقديمها في عام 2019، رفع إيثان روتش – الذي كان موظفًا سابقًا في شركة أمريكية متعددة الجنسيات للبيع بالتجزئة وول مارت – دعوى جماعية يدعي فيها أن الشركة طلبت منه استخدام جهاز لمسح اليد عند تسجيله الحضور دون الحصول على موافقته الكتابية منه. وهو ما يُعد انتهاكًا لقانون الخصوصية لمعلومات القياسات الحيوية. تم التوصل بعد ذلك إلى تسوية بقيمة 10 ملايين دولار بين الأطراف، والتي تنطبق على الموظفين السابقين والحاليين في إلينوي. الموظفون الذين استخدموا ماسحات اليد لتسجيل الحضور دون أن يعطوا موافقتهم الكتابية بين 28 يناير 2014 وحتى توقف استخدام الماسحات في 28 فبراير 2018 في متاجر وول مارت، وفي 24 أبريل 2019 في متاجر سام كلوب. ويُقدر عدد الأشخاص الذين شملتهم الدعوى حوالي 21,677 شخصًا، مما يعادل تعويضًا بقيمة 461.32 دولار للشخص الواحد.

الدروس المستفادة من هذه الحالة:

أ- يجب على الشركات الحصول على موافقة مكتوبة من موظفيها قبل جمع وتخزين بياناتهم الحيوية، مثل: بصمات الأصابع أو المسح اليد، وفقًا لقانون الخصوصية لمعلومات القياسات الحيوية.

ب- الفشل في الحصول على موافقة مكتوبة يمكن أن يؤدي إلى دعاوى قانونية جماعية وتسويات مكلفة.

ج- يجب على أصحاب الأعمال أن يكونوا على علم بقوانين الدولة التي يعملون فيها، ويضعون سياسات تتوافق مع هذه التشريعات لتجنب النزاعات القانونية المكلفة.

اقرأ أيضا الدليل الشامل لإدارة إجازة الموظفين

الدعاوى المتعلقة بمراقبة محادثات الموظفين

عندما يتعلق الأمر بمراقبة أصحاب الأعمال لمحادثات موظفيهم الشخصية لمتابعة كيفية قضاء وقتهم، تصبح هذه الممارسات أمرًا أخلاقيًّا وقانونيًّا معقدًا. في هذا القسم سوف تتعرف على أكثر القضايا المتعلقة بمراقبة محادثات الموظفين شهرةً، وما هي الدروس المستفادة منها.

3- مدينة أونتاريو تراقب الرسائل النصية للموظفين

في عام 2010، قدم موظفو مركز شرطة مدينة أونتاريو بولاية كاليفورنيا الأمريكية دعوى تتعلق ببحث مركز الشرطة في الرسائل النصية التي أرسلها الموظف، السيد كوون. تم تقديم المطالبة في محكمة مقاطعة في كاليفورنيا بالولايات المتحدة ضد مركز الشرطة والمدينة ورئيس الشرطة وضابط الشئون الداخلية.

انحازت المحكمة إلى جانب مركز الشرطة، وقررت أن البحث كان مبررًا ولم ينتهك حقوق الضابط. وجاء ذلك استنادًا إلى الأسباب التالية:

1- عدم وجود انتهاك للخصوصية: على الرغم من أن المدينة لم تكن لديها سياسة صريحة بشأن الخصوصية للرسائل النصية، إلا أنها كانت لديها سياسة لاستخدام الكمبيوتر تنص بشكل صريح على أن الموظفين لا خصوصية لهم عند استخدام موارد المنشأة، بما في ذلك البريد الإلكتروني واستخدام الإنترنت، ويحق للمنشأة مراقبة وتسجيل جميع الأنشطة على الشبكة. تم إرسال هذه السياسة للموظفين، بما في ذلك السيد كوون، الذي استخدم جهاز الاستدعاء بالرسائل النصية.

2- التفتيش المتزن: قررت المحكمة أن التفتيش في الرسائل النصية للسيد كوون كان متزنًا؛ حيث تم إجراؤه لغرض مشروع ولم يكن تطفليًّا بشكل مفرط. كان التفتيش محدودًا للرسائل النصية التي تم إرسالها واستقبالها خلال ساعات العمل، وتم إجراؤه فقط بعد أن أثار المشرف القلق من أن السيد كوون كان يستخدم الجهاز لأغراض شخصية خلال ساعات العمل.

3- عدم انتهاك التعديل الرابع: قررت المحكمة أن التفتيش لم ينتهك حقوق التعديل الرابع في الدستور للسيد كوون؛ بسبب سياسة المدينة، ولأن التفتيش كان مسببًا في ظل الظروف الحالية. كما وجدت المحكمة أن البحث لم يكن تداخلًا كبيرًا في خصوصية السيد كوون.

الدروس المستفادة من هذه الحالة:

أ- إيجاد سياسات واضحة بشأن الاتصالات الإلكترونية في مكان العمل، وتحديد حقوق الخصوصية بوضوح للموظفين أمر ضروري لأصحاب الأعمال.

ب- لا يوجد للموظفين أي حقوق تتعلق بالخصوصية عند استخدام موارد المنشأة، بما في ذلك استخدام البريد الإلكتروني والإنترنت.

ج- يمكن لأصحاب الأعمال مراقبة الاتصالات الإلكترونية، ولكن يجب أن يتم البحث لغرض عمل مشروع ولا ينبغي أن يكون تطفليًّا بشكل مفرط.

اقرأ أيضا الغرامات المفروضة بسبب عدم الامتثال للقوانين السعودية

4- دعوى التجسس الصناعي لمعسكر بيور باور بوت كامب تتحول إلى دعوى لخصوصية الموظفين

تعد الدعوى القضائية المرفوعة من معسكر بيور باور بوت كامب، ومعسكر تدريب اللياقة البدنية واريور فتنس بوت كامب أمرًا مثيرًا للاهتمام؛ حيث إنها متعلقة بنزاع غير تنافسي تحول فيما بعد إلى مسألة متعلقة بخصوصية رسائل البريد الإلكتروني المخزنة. في عام ٢٠٠٧، ترك موظفان العمل لدى بيور باور بوت كامب، لفتح منشأة للياقة البدنية الخاصة بهما، وزعما أنهما أخذا قوائم بأسماء العملاء وموادًّا أخرى. رفع معسكر باور بوت كامب دعوى قضائية بعد الوصول إلى أربع حسابات بريد إلكتروني شخصية تعود للموظفين السابقين، وقراءة ٥٤٦ رسالةً إلكترونيةً في غضون تسعة أيام، متهمةً الموظفين بسرقة نموذج العمل والعملاء والوثائق الداخلية، وخيانة الأمانة ومخالفة واجبات عملهم كموظفين، وانتهاك علامات الشركة التجارية والتعدي على الملكية الفكرية وحقوق النشر.

قام الموظفان بتقديم مطالبة مضادة تتهم معسكر باور بوت كامب بانتهاك قانون العمل في نيويورك وقانون الخصوصية في الاتصالات الإلكترونية، مبينين المزاعم الأخرى المتمثلة في قراءة باور بوت كامب الرسائلَ الإلكترونية التي تمكنوا من الوصول إليها لأن معلومات اسم المستخدم وكلمة المرور تم تركها مخزنة على أجهزة الكمبيوتر التابعة لمعسكر باور بوت كامب. وقررت المحكمة أن الوصول إلى هذه الحسابات يُعد انتهاكًا لقانون الاتصالات المخزنة، وأن الموظفين كانوا مؤهلين للحصول على ٤٠٠٠ دولار كتعويض قانوني. ومع ذلك، خلصت المحكمة إلى أنه لم يكن هناك انتهاك لقانون الخصوصية في الاتصالات الإلكترونية. لأن “الاعتراض” يجب أن يحدث بشكل متزامن مع وقت المراسلة ولا ينطبق على البيانات المخزنة. ورفضت المحكمة كلا الطلبين.

الدروس المستفادة من هذه الحالة:

أ- هذه القضية جديرة بالمتابعة بشكل خاص؛ لأنها تسلط الضوء على كيفية تأثير الدعاوى المضادة بشأن الخصوصية بشكل كبير على نتيجة القضية.

ب- البيانات التي تم جمعها بشكل غير قانوني لتتبع الموظفين واستخدامها كدليل قد لا تكون مقبولةً من قبل المحكمة. وقد تؤدي إلى عواقب قانونية محتملة تتعلق بانتهاكات قوانين الخصوصية.

ج- يجب على أصحاب الأعمال أن يكون لديهم سياسة واضحة بشأن خصوصية الاتصالات الإلكترونية لتجنب انتهاكات قوانين العمل.

د- لا يجب على الموظفين مشاركة معلومات مثل: اسم المستخدم وكلمة المرور مع أصحاب الأعمال.

5- تنهي شركة بيلسبري عقد موظف بعد مراقبة البريد الإلكتروني

ادعى مايكل أ. سميث أن صاحب العمل – شركة بيلسبري، وهي شركة تصنيع كيك – أنهت عمله كمدير إقليمي بشكل غير قانوني. وذلك بعد تتبع بريده الإلكتروني والعثور على محتوًى غير مناسب وغير مهني. وادعى الموظف أن صاحب العمل قد وعد بعدم قراءة رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالموظفين أو اتخاذ إجراء تأديبي بناءً على محتوى البريد الإلكتروني.

رفضت المحكمة هذه الحجة وقررت أنه لا يوجد حقوق تتعلق بالخصوصية عند التواصل عبر نظام البريد الإلكتروني الخاص بالمنشأة. ولهذا وجدت المحكمة أن التتبع لم يكن انتهاكًا كبيرًا للخصوصية. كما وجدت المحكمة أن مصلحة الشركة في منع الأنشطة غير المناسبة، أو غير القانونية عبر البريد الإلكتروني الخاص بها يفوق مصلحة خصوصية الموظف الخاصة بالاتصالات.

الدروس المستفادة من هذه الحالة:

1- تتوافق هذه القرارات القضائية مع القوانين السائدة في معظم الدول، والتي تنص على أنه لا يوجد للموظفين أي حقوق تتعلق بالخصوصية عند استخدام ممتلكات أو موارد المنشأة.

2- عادةً ما يمكن لأصحاب الأعمال الحق في مراقبة أنشطة موظفيهم على المعدات أو الأنظمة التي تمتلكها المنشأة، طالما أن ذلك يخدم غرضًا تجاريًّا مشروعًا ولا يعد تطفلًا بشكل مفرط.

3- يجب أن يكون أصحاب الأعمال صريحين بشأن ممارسات المراقبة الخاصة بهم، وأن يلتزموا بالقوانين واللوائح ذات الصلة.

اقرأ أيضا ما هي أنواع أنظمة حساب ساعات العمل وبما تختلف؟

الدعاوى المتعلقة بتتبع الموظفين عبر تقنية تحديد المواقع الجغرافية

تعتمد قانونية تتبع الموظفين عبر تقنية تحديد المواقع الجغرافية على الظروف الخاصة بكل حالة. في معظم الحالات، يمكن لأصحاب الأعمال استخدام أجهزة تتبع المواقع الجغرافية لمراقبة المركبات التي تمتلكها المنشأة، أو أي معدات أخرى يستخدمها الموظفون أثناء أداء عملهم. قد يكون لدى أصحاب الأعمال أيضًا القدرة على استخدام تقنية تحديد المواقع لمراقبة الموظفين الذين يعملون في مواقع نائية أو خطرة، أو الذين يتوجب عليهم السفر للعمل.

ومع ذلك، وبشكل عام، يجب على أصحاب الأعمال الحصول على موافقة الموظف قبل استخدام تقنية تحديد المواقع الجغرافية، ويجب عليهم تقديم إشعار للموظف بالتسجيل. وهناك حدود أيضًا لأنواع المعلومات التي يمكن لأصحاب الأعمال جمعها من خلال تقنية تحديد المواقع الجغرافية. حيث لا يمكن لأصحاب الأعمال استخدام تقنية تحديد المواقع الجغرافية لمراقبة الأنشطة الشخصية للموظف أو جمع معلومات حول ديانته، أو آرائه السياسية.

6- دعوى قانونية رُفعت ضد شركة إنترميكس بسبب التتبع الإجباري عبر تقنية تحديد المواقع الجغرافية من خلال تطبيق إدارة العمل

رفعت ميرنا أرياس، موظفة في مركز الاتصال، دعوى قضائية ضد صاحب عملها – شركة إنترميكس وير ترانسفير – في عام ٢٠١٥. كانت الدعوى تستند إلى ادعائها بأن صاحب العمل أجبرها على تحميل تطبيق إدارة العمل، “زورا”، على هاتفها المملوك للشركة. وادعت أرياس أن التطبيق يتتبع حركاتها حتى خارج أوقات العمل، وتم فصلها بسبب إلغاء تثبيت التطبيق. وشملت دعوى أرياس تهمًا متعددةً، مثل: انتهاك الخصوصية، وانتهاكات الدستور، وقانون العمل في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وإنهاء الخدمة بشكل غير قانوني. وطالبت تعويضات تزيد عن ٥٠٠،٠٠٠ دولار لتعويضها عن الأرباح والأجور التي فقدتها.

تصدرت هذه القضية عناوين الأخبار في وسائل الإعلام المختلفة، بما في ذلك صحيفة الجارديان، وسي إن إن، وتم تسويتها في نهاية المطاف خارج المحكمة، مما أدى إلى التحذيرات بشأن التسجيل الإجباري، وإنهاء الخدمة غير القانوني، وانتهاكات قوانين العمل.

الدروس المستفادة من هذه الحالة:

أ- استخدام تقنيات التسجيل الإجبارية في مكان العمل أمر مشكوك فيه، ويجب أن يتم النظر فيه وتقييمه بعناية. للموظفين الحق في الخصوصية وقد يكون لديهم مخاوف بشأن جمع واستخدام بياناتهم الشخصية.

ب- يجب على أصحاب الأعمال اتباع الإجراءات القانونية لإنهاء الخدمة وضمان عدم التمييز ضد الموظفين بناءً على خصائصهم التي يحميها القانون. إذا اعتقد الموظف أنه تم إنهاء خدمته بشكل غير قانوني، فلديه الحق في اتخاذ الإجراءات القانونية.

ج- يجب على أصحاب الأعمال الامتثال لقوانين ولوائح العمل. فقد يؤدي عدم الامتثال بها إلى دعاوى قضائية وفرض غرامات والتأثير السلبي على سمعتهم.

د- يجب على أصحاب الأعمال التأكد من وجود سياسات وإجراءات مناسبة للامتثال لنظام العمل وحماية حقوق موظفيهم.

اقرأ أيضا كيفية تسجيل الحضور والتحقق منه

7- تقوم شركة كوكاكولا بتركيب أجهزة تحديد المواقع الجغرافية في مركبات موظفيها

في إطار تحقيق حول نقص في الأموال، قامت شركة كوكاكولا بتركيب أجهزة تحديد المواقع الجغرافية داخل عدة مركبات تمتلكها الشركة والتي تم تخصيصها لموظفيها، بما في ذلك شاحنات تم تخصيصها للموظف ليون إلجين الذي كان يعمل فنيًّا للصيانة. بعد التحقيق، تم إبلاغ إلجين بتركيب جهاز تحديد المواقع في مركبته، وأنه قد تم تبرئته من أي مخالفة. ولم يتعرض لأي عقوبة واستمر في العمل لدى الشركة دون أي تغيير في واجباته أو ظروف عمله. رفع إلجين دعوى قانونية ضد الشركة، ادعى فيها أنه تم التمييز ضده بناءً على العرق، وأن الشركة قد انتهكت خصوصيته من خلال التحقيق معه واستخدام جهاز تحديد وتتبع المواقع الجغرافية، مشيرًا إلى حقوقه من خلال المادة الرابعة من الدستور الأمريكي. حكمت المحكمة العليا لصالح الشركة، واعتبرت أن الشخص الذي يسير بسيارة على الطريق العام من غير المعقول أن يطالب بالخصوصية وأن له حرية الحركة. كما قررت المحكمة أن تركيب جهاز التتبع لا يعتبر تعديًا على خصوصيته.

الدروس المستفادة من هذه الحالة:

أ- يجب على أصحاب العمل أن يكونوا حذرين عند استخدام أجهزة تحديد المواقع الجغرافية مع موظفيهم. على الرغم من أن المحكمة العليا حكمت لصالح شركة كوكاكولا في سانت لويس الأمريكية، إلا أنه يجب على الشركات أن تظل على دراية بالمخاوف المحتملة بشأن الخصوصية. كما يجب أن تفكر في الوسائل البديلة للتحقيق قبل اللجوء إلى تقنية تحديد المواقع الجغرافية.

ب- من المهم أن يعامل أصحاب الأعمال الموظفين بمساواة، وأن يتجنبوا أي شكل من أشكال التمييز بناءً على العرق، أو أي سمة أخرى. حيث ادعى إلجين في هذه الحالة أنه تم التمييز ضده بناءً على العرق، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى عواقب قانونية وتأثير سلبي خطير على سمعة الشركة إذا حكمت المحكمة لصالحه.

ج- يجب استخدام تقنية تحديد المواقع الجغرافية بالتوازن مع مخاوف خصوصية الموظفين والآثار السلبية المحتملة على الروح المعنوية والإنتاجية للموظفين.

د- يجب على المنشآت التفكير في وضع سياسات وإجراءات واضحة لاستخدام تقنية تحديد المواقع الجغرافية، ويجب أن يتم إعلام الموظفين ومنحهم الفرصة للتعبير عن أي مخاوف أو اعتراضات.

8- إنهاء خدمة موظف في إدارة العمل بنيويورك بعد استخدام تقنية تحديد المواقع الجغرافية

تم إنهاء خدمة مايكل كانينجهام، الذي كان مديرًا لتطوير وتنظيم شئون الموظفين في مكتب وزارة العمل الأمريكية بنيويورك، من منصبه بناءً على الأدلة التي تم جمعها باستخدام جهاز تحديد المواقع الذي وضعته جهة العمل. في عام 2008، وضع مكتب وزارة العمل نظام تحديد المواقع الجغرافية سرًّا في سيارة كانينجهام الشخصية للتحقق مما إذا كان يسجل بيانات حضوره بدقة أم لا. تتبع الجهاز حركة كانينجهام وعائلته لأكثر من شهر، بما في ذلك أوقاته خارج ساعات العمل، وأثناء إجازتهم خارج الولاية. وفي جلسة استماع لتقرير ما إذا كان فصل كانينجهام مبررًا، تم استخدام أدلة تقنية تحديد المواقع الجغرافية ضده على الرغم من اعتراضاته، وأشار مسئول الجلسة إلى بيانات نظام تحديد المواقع أكثر من 20 مرة في قراره.

في هذه القضية، طلب كانينجهام من المحكمة أن تعلن أن استخدام مكتب وزارة العمل بنيويورك لجهاز تحديد المواقع الجغرافية كان خرقًا للدستور الأمريكي وللمادة الرابعة التي تحمي من التفتيش والمصادرة غير المبررين. بالإضافة إلى ذلك، سعى إلى إصدار حكم بأن لا يجب على مسئول الجلسة أن يأخذ بعين الاعتبار الأدلة المتعلقة بتقنية تحديد المواقع الجغرافية، وطلب إلغاء قرار مكتب وزارة العمل بفصله وإعادته إلى وظيفته السابقة.

وفي عام 2013، أصدرت محكمة الاستئناف في ولاية نيويورك حكمها بالإجماع بأن إدارة العمل بنيويورك قد خرقت القانون من خلال وضع جهاز تحديد المواقع الجغرافية في سيارة كانينجهام ومراقبة تحركاته خارج ساعات العمل. وجدت المحكمة أن استخدام مكتب وزارة العمل لجهاز تحديد المواقع كان “مُتطفلًا بشكل مفرط” وأنه لم يكن لدى الوكالة سبب مشروع لتسجيل نشاطات كانينجهام خلال وقته خارج العمل.

الدروس المستفادة من هذه الحالة:

أ- يجب على أصحاب الأعمال عدم استخدام أجهزة تحديد المواقع الجغرافية لرصد أنشطة الموظفين خارج ساعات العمل دون وجود سبب شرعي.

ب- يجب أن يتوافق استخدام أجهزة تحديد المواقع الجغرافية مع القوانين المتعلقة بالخصوصية.

ج- يحق للموظفين الطعن على الأدلة التي تم الحصول عليها من خلال أجهزة تحديد المواقع الجغرافية، دون الإجراءات القانونية اللازمة والبوح بأن استخدامها ينتهك خصوصيتهم.

د- يجب أن يكون لدى أصحاب الأعمال سياسات واضحةً بشأن استخدام أجهزة تحديد المواقع الجغرافية، ويجب أن يكون الموظفون على علم بالظروف التي يمكن أن يتم مراقبتهم فيها.

هـ- قانونية أنظمة تحديد المواقع الجغرافية هي قضية معقدة تعتمد على السياق والظروف الخاصة. في حين تجد الحكم في قضية كوكاكولا أن تقنية تحديد المواقع الجغرافية للموظف معقولة ولا تنتهك الخصوصية. بينما تجد هذه الحالة حكمًا معاكسًا، وتجد أنها تعد متطفلةً بشكل مفرط ولا شرعية لها.

اقرأ أيضا كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طريقة عملنا؟

أفكار ختامية:

تظل الخصوصية مصدر قلق رئيسي لمستخدمي الإنترنت في عام 2023، حيث تستمر شركات التكنولوجيا في جمع كميات ضخمة من البيانات الشخصية، وتواجه تدقيقًا ورقابًة متزايدين على كيفية استخدامها.

على الرغم من أن أصحاب الأعمال اليوم يمتلكون مجموعةً كبيرةً من الأدوات الرائعة لمراقبة موظفيهم، وبالرغم من أن هذه الأدوات يمكن أن تعزز بالتأكيد الإنتاجية والكفاءة، فإنها تثير أيضًا مخاوف جديةً بشأن الخصوصية.

يجب على أصحاب الأعمال أن يكونوا حذرين للغاية بشأن استخدام هذه الأدوات، ويجب استخدامها بطريقة قانونية وغير مفرطة في التطفل. ويجب عليهم دائمًا أن يحصلوا على موافقة الموظفين قبل استخدام هذه الأدوات، ووضع إرشادات واضحة حول كيفية استخدامها، وضمان أمن بيانات الموظفين.

من خلال تحقيق التوازن المناسب بين التكنولوجيا والخصوصية، يمكن لأصحاب الأعمال خلق بيئة عمل شفافة وتمتثل للأنظمة واللوائح وتحقق معدلات إنتاجيةً مرتفعةً!

 فهم الآثار القانونية لتسجيل وقت عمل الموظفين أمر ضروري للتقليل من مخاطر الدعاوى القانونية وضمان الامتثال لنظام العمل.