جعل كل لحظة ذات قيمة: علم الوقت واستراتيجية تتبعه

Written by عاصم قريشي
بقلم عاصم قريشي، الرئيس التنفيذي لشركة جِبل

مرحبا، أنا عاصم قريشي، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لـ جِبل، وهو برنامج مبني على الحوسبة السحابية لإدارة الوقت والحضور. لطاما كنت منبهرًا بالفيزياء، وهذا دفعني للحصول على درجة الماجستير فيها.

أنا الآن شفوف بإيجاد طرق لتطبيق تلك المعرفة في عالم التكنولوجيا للتوصل إلى ممارسات ذكية وفعالة في إدارة الوقت.

الوقت، كما يفهمه علماء الفيزياء الحديثة، هو التسلسل المستمر للأحداث من الماضي إلى المستقبل. في الفيزياء، يُعتبَر الوقت البعد الرابع، لكن الفلاسفة طالما تساءلوا عمَّا إذا كان مجرد شيء اختلقته عقولنا.

نظرية النسبية لأينشتاين هي حيث تبدأ الأمور بالخروج عن المألوف. لقد أحدث أينشتاين ثورةً في فهمنا للوقت، حيث قدَّم فكرة أن الوقت ليس ثابتًا بل نسبيًا.

فكلما اقتربنا من سرعة الضوء، يتباطأ الوقت. كما أن الوقت يمر بشكل مختلف في المناطق ذات الجاذبية المتفاوتة، مثلًا عند الثقب الأسود مقارنةً بالوقت على الأرض.

ولكن حتى مع هذه الظواهر الكونية التي تُفسِّر الوقت بطرق تُعارض تجاربنا اليومية، فإن التجربة الشخصية للوقت هي التي تؤثر بشكل مباشر على حياتنا. وهنا يأتي دور تتبع الوقت.

تتبع الوقت الشخصي

تتبع الوقت هو وسيلة لتسجيل طريقة قضاء وقتنا. من خلال تسجيل أنشطتنا والوقت المُخصَّص لها، يمكننا فهم أنماط إنتاجيتنا وتحديد المجالات التي تحتاج لتحسين.

ومع ذلك، غالبًا ما يتم تجاهل التجربة الشخصية والذاتية للوقت، أي مدى شعورنا بأن اللحظات طويلة أو قصيرة، والوتيرة التي ندرك بها مرور الحياة، في سياق إدارة الوقت.

كلنا نواجه شكلًا خاصًا من أشكال “تشوش الوقت” أثناء روتيننا اليومي. ورغم أنه ليس نوع تمدد الزمن الذي تحدث عنه أينشتاين (إلا إذا كنت تعيش على متن سفينة فضاء تسير بسرعة الضوء)، فإننا ندرك مرور الوقت إما سريعًا أو بطيئًا. بعبارة أخرى، غالبًا ما يخرج الوقت الذي تشعر به النفس عن التزامن مع الوقت الفعلي.

إدراكنا للوقت يمكن أن يختلف بشكل كبير من لحظة إلى أخرى، بغض النظر عن المقياس الموضوعي للساعات والتقاويم. على سبيل المثال، عند انتظار موعد الطبيب، نجد أنفسنا نفكر أن “اللحظات تمر ببطء شديد”.

قارن ذلك بليلة في الخارج أو عطلة مشوقة تمر في غمضة عين، وستفهم معنى أن الوقت يطير عندما تستمتع.

عندما يتسارع الوقت…

قد تظن أنه في هذه الأيام، ومع مرونة العمل عن بعد، أصبح لدينا المزيد من الوقت المتاح، سواء في حياتنا الشخصية أو المهنية. ولكن بطريقة ما ما زلنا نشعر أنه لا يوجد وقت كافٍ لفعل كل شيء. ننظر إلى يومنا ونفكر، “أين ذهب كل هذا الوقت؟”

ساعة أبيض وأسود.

صورة بواسطة noor Younis على Unsplash

يشعر الإنسان بأن الوقت يمر بسرعة عندما تُطلِق الخلايا العصبية في الدماغ إشاراتها بمعدل متسارع. خلال هذه اللحظات، يعالج الدماغ أحداثًا أكثر في فترة زمنية معينة. يمكن أن يحدث هذا النشاط المتزايد أثناء فترات التركيز الشديد، أو الإثارة، أو القلق، حيث يتم تحفيز حواسنا ونستوعب المعلومات بوتيرة سريعة.

ومع ذلك، لدينا سيطرة على إدراكنا للوقت أكثر مما ندرك. فمن خلال تتبع الوقت، والتعامل معه بوعي وذكاء، يمكننا فعليًا “إبطاء” مرور الزمن.

إن تعلُّم المهارات الجديدة ومعالجة المعلومات الجديدة يمكن أن يساعدنا على تجربة الوقت بوتيرة لا نشعر معها أننا دائمًا ما نُضيعه.

عندما يتباطأ الوقت…

عندما نكوِّن الذكريات ونُعالِج معلومات جديدة، يمكن أن يتباطأ إدراكنا للوقت. وهذا يفسر لماذا يبدو أن الوقت يتسارع مع تقدمنا في العمر؛ فنحن نكوِّن ذكريات أقل كلما كبرنا، لذا نشعر بأن الوقت يمر بسرعة.

يتباطأ الوقت عندما نشعر بالملل. فبينما يتمدد طول الساعات الطويلة، فإن وعينا المتزايد بمرور الوقت يجعل كل دقيقة تبدو أطول.

بطريقة ما، يمكن أن يكون اليوم البطيء مفيدًا. قد نشعر أننا أنجزنا المزيد من العمل، وشعرنا بمزيد من الاسترخاء، واتبعنا نهجًا أكثر اتزانًا للمهمة التي بين أيدينا. ومع ذلك، قد يعني اليوم البطيء أيضًا أننا لسنا منغمسين تمامًا في عملنا أو أننا نُشتِّت انتباهنا باستمرار.

يمكننا مواجهة هذا التأثير من خلال تتبع الوقت، تمامًا كما يمكننا إبطاء الوقت الشخصي عن قصد عندما يبدو كل شيء فوضويًا للغاية.

كيف يُشكّل تتبع الوقت إدراكنا للزمن

يُعد تتبع الوقت أداةً لا تُقدَّر بثمن لجعل كل ثانية ذات قيمة، سواء كان يوم عملك المعتاد مليئًا بالأحداث وسريع الوتيرة أم بطيئًا ومملاً. يوفِّر برنامج تتبع الوقت رؤى حول كيفية قضاء وقتك وكيفية إدارته بفاعلية أكبر. إلى جانب ذلك، فإن تتبع الوقت أداة قوية يمكنها تشكيل إدراكنا للوقت بعدة طرق:

  • التواجد الكامل في الحاضر: يشجعنا تتبع الوقت على أن نكون حاضرين ومنخرطين تمامًا في المهمة التي نقوم بها. هذا التركيز لا يُحسِّن جودة عملنا فحسب، بل يتحكم أيضًا في وتيرة يومنا بمعدل معقول.
  • الشعور بوجود هدف والتحكم: يتيح لنا تتبع الوقت اتخاذ خيارات واعية حول كيفية قضاء وقتنا بحيث تكون كل لحظة مُخصَّصة لشيء هادف ومجزٍ. فبدلاً من الشعور بأن الوقت ينفد منا باستمرار وأن الأحداث خارجة عن سيطرتنا، يمكننا أن نقرر بوعي كيفية استخدام وقتنا.
  • الدافع لاستخدام الوقت بحكمة: تُعد سجلات الدوام دليلًا ملموسًا على تقدم عملنا. إنها مصدر للتحفيز، وتُشجِّعنا على تخصيص وقتنا بحكمة. ومراجعتها تُعزِّز إيماننا بأن الوقت يمكن أن يمر بمعدل يمكن التحكم فيه وأنه تحت سيطرتنا.
  • التمكين من خلال الانضباط الذاتي: يُعد تتبع الوقت تمرينًا على الانضباط الذاتي، ويتطلب منا وضع حدود والالتزام بها. هذا الانضباط يمنح القوة، لأنه يوضح قدرتنا على الالتزام بخططنا ومتابعتها دون أن ينفد الوقت منا.
  • الحد من القلق بشأن الوقت “الضائع”: إحدى أعظم فوائد تتبع الوقت هي قدرته على تخفيف القلق الذي يأتي مع الشعور بأن الوقت ينفد دون استغلال. إن وجود سجل واضح لكيفية قضاء وقتنا يساعد على التخفيف من الشعور بالذنب أو الندم على الوقت “الضائع”. وبالتطلع إلى المستقبل، نشعر بالاطمئنان إلى أن الوقت سيمر بمعدل بطيء بما يكفي.

أفكار نهائية

ضَع في اعتبارك أن تتبع الوقت لا يعني العمل لساعات أطول، بل بأن تتبنى عقلية النمو والتحسين المستمر. من خلال التواجد بوعي في اللحظة الحالية وتقليل المُشتِّتات، فإنك لا تعزز الإنتاجية فحسب، بل تتحكم أيضًا في ساعتك الداخلية، وتتحكم في يوم عملك، وتجعل كل لحظة ذات قيمة.

مقالات ذات صلة:

أفضل 27 نصيحة تتبع الوقت لتحسين إنتاجيتك

فوائد تطبيق نظام تتبع الوقت للمعلمين

٦ أسباب لعدم استخدام برامج تتبع الوقت المجانية

أنت تحتاج إلى هذا في برنامج تتبع الوقت التالي الخاص بك

أفضل الاقتباسات الملهمة عن إدارة الوقت لتطبقها في حياتك