هل سبق لك أن وجدت نفسك تحدّق في قائمة مهامك وتتساءل كيف انقضى اليوم؟ لست وحدك. في عصر الإشعارات اللانهائية، والتنبيهات المستمرة، وجنون تعدد المهام، أصبح الحفاظ على التركيز من أندر المهارات التي يمكنك امتلاكها، وأكثرها قيمةً.
الأمر لا يعني العمل بجد أكبر، بل العمل بذكاء أكبر. إذا كنت ترغب في زيادة التركيز والإنتاجية لديك، فإن ذلك يبدأ بتغيير رؤيتك حول الانتباه.
دعنا نوضح الأمر.

صورة بواسطة Ryland Dean على Unsplash
تُغطِّي هذه المقالة:
- اقضِ على الضوضاء قبل أن تقضي على تركيزك
- حدِّد وقتًا للأعمال الهامة وكأنها مقابلة مع مديرك
- أنشئ عادات تُحفز التركيز
- أدخِل فترة تعافي في يومك
- صمِّم مساحة عمل تناسبك
- أنجِز مهمة واحدة في وقتٍ واحد وكأنك تمتلك قوة خارقة
- راجع مدخلاتك، وليس مخرجاتك فقط
- تتبع، وفكِّر، وحسِّن
- أفكار ختامية
اقضِ على الضوضاء قبل أن تقضي على تركيزك
المُشتِّتات في كل مكان، وكل إشعار، وكل تبويب على المتصفح، وكل محادثة في الخلفية، تلتهم جزءًا من انتباهك.
الحقيقة هي: عقلك لا يستطيع القيام بمهام متعددة في آنٍ واحد. ما يفعله حقًا هو التبديل السريع، القفز من شيء لآخر، ويدفع ضريبة في كل مرة يغير فيها الاتجاه. و ما هذه الضريبة؟ وقت ضائع، وإرهاق ذهني، وعمل لا يُجدي نفعًا.
الحل؟ ركِّز على مهمة واحدة في كل مرة. مهمة واحدة. تبويب واحد. بؤرة اهتمام واحدة.
ضع هاتفك بعيدًا. استخدم أدوات حظر المواقع. أغلق بريدك الوارد. اجعل الوصول إلى المُشتِّتات أصعب. كلما قل عدد “الأفكار العالقة في ذهنك”، حافظ عقلك على تركيزه.
حدِّد وقتًا للأعمال الهامة وكأنها مقابلة مع مديرك
لا أحد يلغي اجتماعًا مع رئيسه التنفيذي، فلماذا نلغي الوقت الذي نُخصصه لمهمة بالغة الأهمية؟
خصِّص وقتًا للعمل الهام كل يوم. اقضِ بعض الوقت في تحديد أي وقت من اليوم تكون فيه في أوج نشاطك، وخصِّص مهامك الأكثر صعوبةً لذلك الوقت. هذه الفترات الزمنية مخصصة للتفكير، والكتابة، وحل المشكلات. ليست للمهام الإدارية، ولا للاجتماعات.
دافع عن ذلك الوقت وكأن راتبك يعتمد عليه، لأنه كذلك بالفعل.
اقرأ المزيد: ما هو تقسيم الوقت؟
أنشئ عادات تُحفز التركيز
عندما يتعلق الأمر بالإنتاجية، فإن العادات هي أفضل صديق لك. فهي تساعد على تبديل الحالات الذهنية وتخلق الانتظام.
يدرك دماغك الإشارات، ولهذا السبب فإن العادات فعَّالة: إنها تقول لعقلك بهدوء: “حان وقت التركيز”.
يمكن أن تكون العادات أي شيء بسيط. قم بتحضير كوب من القهوة. أشعِل شمعة مُعطرة. قم بتشغيل نفس قائمة الأغاني. اجلس على نفس الكرسي. هذه الأفعال الصغيرة والقابلة للتكرار تُشكِّل ذهنك وتساعده على التحول من وضع التشتت إلى وضع التركيز العميق.
المفتاح ليس التعقيد، بل الانتظام. عندما تكرر نفس الفعل قبل العمل كل يوم، يبدأ دماغك في ربطه بالتركيز. يصبح مفتاحًا ذهنيًا يدخلك في أعماق العمل دون الحاجة إلى نفس القدر من التحفيز أو قوة الإرادة مثل الماضي.
اقرأ المزيد: 8 من أفضل طرق تنظيم الوقت
أدخِل فترة تعافي في يومك
الإنتاجية دون وقت للتعافي ليست سوى إرهاق مُتخفي. أنت لا تحتاج إلى فترات راحة لمجرد الاسترخاء، بل لإعادة ضبط دماغك لجولة أخرى من التركيز.
تمامًا مثل الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، تحتاج إلى وقت للتعافي بين التمارين. إذا بالغت، فإنك تخاطر بالإصابة، والأمر نفسه ينطبق على العمل.
تساعد عمليات إعادة شحن الطاقة الصغيرة تلك على تقليل التعب الذهني وتحسين الاحتفاظ بالمعلومات. بدونها، يقل مدى انتباهك، ويتراجع تحفيزك، وستجد نفسك تتصفح تيك توك والوقت يمضي وأنت لا تشعر.
لا أحد يعمل على أفضل نحو وهو متعب. احمِ طاقتك ووازن بين العمل والراحة بحكمة.

صورة بواسطة Dylan Ferreira على Unsplash
صمِّم مساحة عمل تناسبك
تلعب بيئة عملك دورًا كبيرًا في قدرتك على التركيز. المساحة الفوضوية تعني ذهنًا مشتتًا. المكتب الفوضوي يعادل عملية تفكير فوضوية.
حافظ على بساطة وترتيب مساحة عملك. مكتب نظيف، وكرسي مريح، وإضاءة جيدة. إذا أمكن، اعمل بالقرب من ضوء الشمس الطبيعي لتتجنب إجهاد عينيك.
تأكد من أن جميع أدوات عملك الأساسية في متناول يدك. الاضطرار للنهوض والبحث عن قلم تحديد سيؤثر سلبًا على تركيزك.
راعِ الضوضاء أيضًا. إذا كنت في مكان صاخب، يمكن أن تفيدك سماعات الرأس المانعة للضوضاء أو الضوضاء البيضاء. كلما قلّت المدخلات الحسية التي يتعين على دماغك إدارتها، زادت القوة التي يمكنه استخدامها في التفكير الفعلي.
أنجِز مهمة واحدة في وقتٍ واحد وكأنك تمتلك قوة خارقة
تعدد المهام هو القاتل الصامت للإنتاجية. ففي كل مرة تنتقل فيها بين المهام، ينخفض معدل التركيز في دماغك. وكلما زاد تنقلك بين المهام، زادت الطاقة الذهنية التي تهدرها محاولًا إعادة التركيز.
درِّب نفسك على القيام بشيء واحد في كل مرة. قد يكون الأمر غير مريح في البداية، ولكن مع الممارسة، ستلاحظ أن عقلك يصبح أكثر هدوءًا وأن عملك يتحسن.
اكتب تقريرًا واحدًا، لا ثلاثة مسودات. اكتب بريدًا إلكترونيًا واحدًا، ثم ابدأ في كتابة التالي. ترتفع جودة مخرجاتك عندما لا يتشتت انتباهك في خمسة اتجاهات.
اقرأ المزيد: هل تعدد المهام مفيد لإنتاجيتك حقًا؟
راجع مدخلاتك، وليس مخرجاتك فقط
الأفكار التي تدخل إلى دماغك لا تقل أهمية عما يخرج منه. إذا كنت تستهلك محتوى غير مفيد باستمرار، فإن تركيزك وإبداعك سيتأثران سلبًا.
خصِّص وقتًا في يومك لشيء يغذي عقلك. بودكاست، كتاب، أو حتى خمس دقائق من الهدوء مع أفكارك الخاصة.
اخفض مستوى الضوضاء. ألغِ متابعة الحسابات التي ترهق الذهن. ضع حدودًا للتعرض للوسائل الإعلامية. دماغك لديه كمية محدودة من الانتباه. لا تضيعه على “العبث”، بل استهلك محتوى مفيدًا.
تتبع، وفكِّر، وحسِّن
لا يمكنك تحسين ما لا تقيسه. خصِّص خمس دقائق كل مساء لتفكر فيما حدث في يومك. ما الذي نجح؟ وما الذي لم ينجح؟ متى شعرت بالتركيز؟ ومتى شعرت بالتشتت؟
بمرور الوقت، ستتعرف على أنماط عمل عقلك. ربما تشعر دائمًا بالخمول بعد الغداء. ربما تركز بشكل أفضل عندما تعمل من مقهى. هذه الرؤى لا تقدر بثمن. استخدمها لبناء خطة مُخصَّصة تناسب حياتك.
استخدم دفتر ملاحظات بسيطًا أو تطبيقًا للإنتاجية. لا تبالغ في التفكير. فقط تتبَّع ما يكفي لتتعلم من سلوكك.

صورة بواسطة Nathan-Dumlao على Unsplash
أفكار ختامية
إذا كنت ترغب في زيادة تركيزك وإنتاجيتك، فالأمر يبدأ بالعقلية. الإنتاجية لا تعني فعل المزيد، بل فعل ما يهم، بوضوح وغاية.
تخلص من المُشتِّتات. عقلك لا يستطيع القيام بمهام متعددة في آنٍ واحد، لذا لا تطلب منه ذلك. أنشئ جلسات عمل متعمقة وتعامل معها كاجتماعات غير قابلة للتأجيل. أنشئ عادات بسيطة وقابلة للتكرار تُدرِّب عقلك على التحول إلى وضع التركيز بكل سهولة.
لا تنسَ التعافي. تحتاج العقول إلى فترات راحة لإعادة شحن طاقتها، تمامًا مثل العضلات. احمِ طاقتك عن طريق موازنة العمل المُتعمق مع فترات الراحة المنتظمة.
صمِّم مساحة عمل تُقلِّل الاحتكاك بالمؤثرات الخارجية وتدعم الوضوح. ركِّز على مهمة واحدة بانضباط. راقب ليس فقط قائمة مهامك، بل ما يمر على عقلك أيضًا، فمدخلاتك العقلية تُشكِّل مخرجاتك العقلية.
أخيرًا، خصِّص وقتًا للتفكير. تتبع ما ينجح، وقم بتعديل ما لا ينجح، واستخدم تلك الأفكار لبناء سير عمل يناسب حياتك حقًا.
التركيز ليس سمة ثابتة. إنه عضلة. ومثل أي عضلة، تزداد قوته بالتدريب، والانتظام، والاعتناء.